عصاب القلب


عصاب القلب

1- وصف ظاهرة عصاب القلب
1-1 مقاربة مفاهيمية
يرى كل من ريشتير وبيكمان (1969- 1973)  Richter &Beckmann أن عصاب القلب هو اضطراب يراجع  حامله الطبيب بسبب الآلام في القلب بدون أن يكون سبب الآلام مرض أساسي عضوي.
غير أن سبور (1986،  Spoor ) يرى ضرورة توسيع مفهوم عصاب القلب حيث يرى أن هناك أنواعا من اضطرابات القلب والدورة الدموية يتم فيها إثبات تغيرات وعائية قلبية يمكن لها أن تلعب دورا رئيسيا في نشوء الاضطرابات العصابية القلبية كما وان بعض الأبحاث الحديثة تحاول إيجاد علاقة من ناحية المنشأ المرضي بين انسدال الصمام التاجي  Mitral Clapp   Prolapse  وبين نشوء القلق العصابي القلبي (ايغله وآخرين Egle, et al.،  1988).
أما فريدمان فقد صنف هذا الاضطراب كمرض وعائي قلبي وظيفي (نابلسي، 1994)
أو "متلازمة الجهد "Effort Syndrome  أو كاضطراب نفسي إعاشي. ويرى برويتغام (1968) أن الأمر يتعلق (بعصاب بالمعنى الضيق) أدى إلى تشكل واضح للعرض.
ويعتبر كل من آيت وغونتسيل (1982) عصاب القلب على أنه اضطراب وظيفي يقع ضمن الاضطرابات النفسجسدية بالمعنى الأوسع ويؤكد هان (1973، 1982)على أن مفهوم عصاب القلب الذي وصفه ريشتير وبيكمان ينطبق على أولئك الذين يتعالجون في أقسام المعالجة النفسية فقط.
واستنادا إلى كولافيك (1984) يمكن اعتبار عصاب القلب على أنه (عصاب عضوي) يبدأ بنوبة قلبية وعائية نظيرة ودية تبدو على شكل حالة قلق آنية مترافقة بخوف من توقف القلب. وان ما يميز هذا الاضطراب هو التطور المائل للإزمان  والمتسم بآلام رهابية مراقية (توهم مرضية).
واستنادا إلى النتائج التي توصل إليها هان (1973) يعرف زاكسة (1984) الشخص المصاب بعصاب القلب كالتالي: " الشخص المصاب بعصاب القلب هو شخص يشكو من الآلام في القلب وليس لها أسباب عضوية، ويبدي استعداده للعلاج في مؤسسة للعلاج النفسي (بالمعنى الواسع) (ص:2).
أما الوصف الأساسي التقليدي فقد قام به فرويد في عام 1895، حيث صنف عصاب القلب تحت مفهوم عصاب القلق (النابلسي،  1987، 1994) ويرى كل من برويتغام وكريستان (1975) أن مفهوم عصاب القلب هو عبارة عن مفهوم عام لأعراض عصاب ورهاب القلب ويعرفان هذا النوع من اضطرابات القلب على أنه (اضطراب يبدأ بنوبة قلبية  وعائية نظيرة ودية) حادة وكحالة قلق حادة مع خوف من توقف القلب وكمرض عصابي معاش مع مبالغة في حجم الآلام الرهابية والتوهم مرضية) (ص 150).

ومن الناحية العرضية يصف المفهوم ذلك النوع من اضطرابات القلب والدورة الدموية الذي غالبا ما لا يبرهن فيه على نتائج عضوية (منشأ عضوي للمرض) و يعتقد أن نشوءه يمكن أن يكون على أساس من اضطراب عصابي. وفيما يلي سنعرض بعض المفاهيم لمتلازمة الاضطراب العصابية القلبية والتي تؤكد عدم التطابق في استخدام هذا المفهوم أو ما يسمى بفوضى المصطلحات (نابلسي، 1994).
1.      مفهوم عصاب القلب أطلقه العيادي النمساوي اوبينهولتز عام (1861)
2.      داكاستا Da Casta  اسماه عام (1871) آلام القلب والدورة الدموية العصبية.  
3.      فرويد  صنفه عام (1895) تحت مصطلح عصاب القلب.  
4.      ونجد عند ليفيز تحت هذا المصطلح مفهوم "متلازمة الجهد  effort Syndrome"
5.      وتحدث فريدمان عام (1947) عن الاضطرابات القلبية الوظيفية.  
6.      مفهوم توهم المرض القلبي أطلقه برويتيغام   Breutigam عام (1956)
7.      اقترح كولنكابف عام 1960 تسمية رهاب القلب
8.      استخدم اوكسكول  عام 1962 مصطلح الآلام الوظيفية.  
9.      رشتير وبيكمان     Richter & Beckman،1969، 1973) أطلقا من وجهة نظر تحليلنفسية مفهوم عصاب القلب.
فيما يلي سنستخدم مصطلح عصاب القلب لتجنب التداخل في المصطلحات ولأن هذا المصطلح يشتمل المظاهر المرضية للمصطلحات المختلفة (نابلسي، 1994)

1-2 الصورة المرضية لعصاب القلب
يغلب أن ينطلق في وصف الصورة المرضية لعصاب القلب من المظهر العضوي، والدراسات حول هذا العرض هي دراسات للحالة الفردية ولم تلق سمات الشخصية عند المرضى اهتماما موسعاً. وسنحاول فيما يلي إعطاء وصف موجز للصورة المرضية لعصاب القلب.
فقد وصفها ريشتير وبيكمان (1969، 1973)، وهان (1965، 1973) وويتش (1977)، وايرمان (1979)، على أنها اضطراب في نشاط القلب مع توسع النبض وعدم انتظام دقاته مع خفقان وتشنج وتسرع فيه. وشعور بالضيق في الصدر مترافق بقلق الموت، بالإضافة إلى شعور بالدوران والتعرق مع نوبات ألم تكون غالبا في الذراع الأيسر
ويؤكد ايرمان (1986) أن برويتغام (1964) وهان (1975، 1979) يطلقان تسمية عصاب القلب فقط على تلك الصورة المرضية التي " تتسم بنوبات قلبية (وعائية ودية) نموذجية مترافقة بقلق شديد من تكرار مثل تلك النوبات والخوف من الموت بمرض القلب  (ص، 251).
ويؤكد بيرنهارد (1986 ) أن القلق من القلق يحتل المركز الرئيسي وهذا يعني أن هؤلاء المرضى يتصفون بالقلق العصابي حول القلب وبالمراقبة المستمرة للقلب أكثر من آلام القلب الوظيفية بحد ذاتها ويشير شتوت (1979) إلى أن المرضى لا يكونون مدركين أن القلق يسبق الآلام الجسدية وبهذا المعنى يصف فرويد (1995) أنه " يبدو في هذا المرض مقدار معين من قلق يطفو بحرية Free fluted anxiety.
وتشكل نوبات القلب والأوجاع في القلب السليم عضويا بالإضافة إلى القلق حول القلب والذي هو عبارة عن تمثل مراقي (توهم مرضي) لاحق للحادث الأساسي والتمهيدي ثلاثة عناصر مهمة للصورة لعصاب القلب (ايرمان، 1986) ويعاش القلق الذي يظهر على شكل نوبات من قبل عصابي القلب على شكل ترابط انفعالي أي أنه من خلال المراقبة المستمرة للقلب تعاش جميع المواقف الجسدية المختلفة والتي تثير الخوف من الموت أو الذبحة. ويرى كل من ريشتير وبيكمان (1973) أن التبدلات المرضية النفسية المسيطرة إلى جانب نوبة القلق المعاشة جسديا حتى الصورة المرضية لا تبدو على ما يبدو كنتيجة فقط وإنما كجزء أساسي من المرض نفسه.  وقد أشار العديد من الباحثين في هذا المجال إلى أعراض مرافقة مختلفة يمكن أن تكون ذات أهمية تشخيصية تفريقية (ريشتير وبيكمان، 1969، 1973)، ونذكر منها على سبيل المثال المزاج المنقبض.  أما يميز هؤلاء المرضى عن مرضى الاكتئاب من ناحية المزاج المنقبض  أن هذا المزاج المنقبض لا يحتوى على موقف تأنيب الذات بالإضافة إلى ذلك هناك اضطرابات النوم (الأرق) والقابلية العامة للإثارة والحساسية للأصوات والفزع الليلي. ونذكر أيضا صعوبات في التنفس والتي يمكن أن تشخص كصورة مرضية مستقلة في حال ارتفاع أو ازدياد فرط التنفس مع تكزز.  وإلى جانب آلام المعدة والبطن والاضطرابات الجنسية يمكن ظهور تغيرات نوعية نفسية مختلفة مثل ازدياد التركيز والاهتمام بكل شيء له علاقة بالقلب مما يسبب حسب نظرية الانتباه الذاتي الموضوعيobjective Self attention-Theory  إلى اشتداد التركيز على الذات أو التمركز على الذات الذي تتفق من خلاله المشكلات النفسية
(فري، ويكلوند، شراير، 1978  Frey, Wicklund and Schreier).
ويلخص أوكسكول (1962 ) الصورة المرضية لعصاب القلب في خمس مجموعات رئيسية تشمل:
1- أوجاع متمركزة على القلب: ومنها خفقان في القلب عثرة في القلب ضيق بالقلب بالإضافة إلى آلام مثل ضغط ووخز في الصدر مع امتداد ألام للذراع الأيسر مما يجعل الشك يدور للوهلة الأولى حول الذبحة الصدرية.
2- أوجاع عامة:   شكوى من الانحطاط العام واسوداد حول العينين و تعب وإرهاق ويمكن بصورة عامة ملاحظة الأوجاع الملاحظة غالبا في أعراض نقص التوتر أو انخفاض ضغط الدم.
3- أوجاع متمركزة حول التنفس: ويشكو المرضى هنا من مشاعر الضيق صعوبة في التنفس والتي يمكن أن تتفاقم لدرجة توقف التنفس هذه الصعوبة يمكن أن تظهر في حالة الاسترخاء وحالات الإرهاق الجسدي على السواء وهذه الآلام تعرف أحيانا كصورة مرضية مستقلة (متلازمة التنفس العصبي)
4-  أوجاع إعاشية: من مثل الأرق وتشوش الإحساس (مثل الخدر والتنميل والحكة) و الارتجاف والشعور العصبي بالبرد والشعور بالدوخة والتعرق بالإضافة إلى أوجاع في الرأس.
5- أوجاع نفسية: غالبا ما يذكر المرضى قابليتهم للإستثارة والقلق وعدم الهدوء الداخلي والمزاح المنقبض وتشكل هذه المجموعة وصفا واضحا للصورة المرضية لعصاب القلب، يمكن الاعتماد عليها في الممارسة العملية في عملنا ومعالجتنا لاضطرابات القلب العصابية.
1-3 الأحداث المثيرة للمرض
استنادا إلى بيرنهارد (1986) يمكن الافتراض أنه على أساس البنية الأولية للعرض المترافق بعدم الاستقرار النفسي تجاه فقدان الموضوع وأزمة قيمة الذات فإن تكون العرض يتم ظروف حياتية خاصة، يواجه فيها هؤلاء المرضى ذو الاستعداد الأولي بمخاوف واقعية أو وهمية. ووفقا لريشتير وبيكمان، 1973) يمكن أن يظهر من خلال:
1.      المواجهة بحادث أو مرض أو حوادث موت (غالبا موت بالقلب) في المحيط.
2.      مراقبات مقلقة للجسد.
3.      تشخيص طبي معمم (مرض القلب) (انظر موقف المعالج النابلسي 1994)
4.      صراعات نفسية سببها على الغالب مشكلات انفصال.
وفي المراجع المتخصصة هناك تطابق عام حول الأحداث الحالة للمرض غير أن الدور الذي يمكن أن تلعبه مثل هذه العوامل ما زال غير واضح ففي الدراسات التجريبية التي قام بها شتوت (1983) وجد أن ظهور العرض عند مرضى عصاب القلب المرتبط بخبرات خسارة كان أغلب بشكل دال منه لدى عينة ضابطة إلا أنه قد وجد في هذه الأبحاث أن مثل خبرات الخسارة هذه تمتد حتى فترة السنة قبل ظهور العرض. وفي هذا المقام يطرح السؤال عن العلاقة بين ظهور العرض وما يسمى اللحظات المثيرة للمرض بشكل مباشر ففي أبحاث شتوت كان هناك اثنا وعشرون مريضا بعصاب القلب من أصل خمسين مريضا بدون خبرة الخسارة أو فقدان.
1-4 الجائحة (الانتشار)
تختلف المعلومات المذكورة في المراجع المتخصصة حول انتشار مرض عصاب القلب إلى حد ما. ويري شتريان (1983) أن المعطيات الدقيقة حول انتشار عصاب القلب صعبة وذلك بسبب تضارب المفهوم بين عصاب القلب ورهاب القلب عدا عن ذلك فإنه حتى الآن فإنه لم تتم دراسة عينات ممثلة. ولا تتوفر أية معلومات دقيقة حول انتشار مرض عصاب القلب في البلدان العربية ولعل الأسباب في ذلك الاتجاه العضوي الغالب في الممارسات الطبية في البلدان العربية وعدم وجود دراسات منهجية طولية أو عرضية.
وسنحاول فيما يلي عرض مجموعة من المعطيات المختلفة حول الانتشار العام والأسري والتوزيع العمري:
يذكر غروس Gross في عام 1943أن النسبة في المناطق الريفية تبلغ 2% بينما يذكر كل من روث ولوتون Roth and Loton,1943 أن 8% من مرضاهم هم مرضى بالألم القلب والدورة الدموية العصابية  و وجد كانيل في عام 1958 ضمن ألف مريض 16% مرضى باضطرابات القلب والدورة الدموية الوظيفية. أما غريميرس Gremerius فقد وجد في عام 1963 أن 8% من أصل (2330) حالة مرضى بعصاب القلب، و يذكر ديليوس Delius  في عام 1964إن التكرار يبلغ بين 10 % إلى 15%، ويشير ريشتير وبيكمان (1973) إلى أن كاتفان ويورسفيك قد وجدا أن عدد مرضى عصاب القلب قد تضاعف بين الأعوام (1945- 1965) أما في عام 1981 فقد وجد غوستيل وآيت من بين (7150) حالة إسعاف 4% فقط، أي حوالي (332) مريضا بأعراض عصابية قلبية، بدون سبب عضوي للمرض.
وفي عام(1975) وجد ماس Mass من الآلام المعطاة يمكن تفسيرها على أنها آلام قلبية وظيفية، كما  قدر شتوت (1979) نسبة المرضى بعصاب القلب لدى مجموع السكان بـ2% حتى 5% ويقدر ضمن الممارسة العيادية بين 10 % حتى 15%، أما ضمن مرضى آلام القلب والدورة الدموية فإن نسبة تتراوح بين 30 % إلى 40 %.
أما فيما يتعلق بالتكرار بين الجنسين هناك آراء مختلفة:
فيذكر كل من ريشتير وبيكمان (1969) إن الرجال هم أكثر إصابة من النساء النسبة تبلغ  2ألى 3، أما أسباب ذلك فيجب بحثها في الشروط الاجتماعية. ويذكر العديد من الباحثين أن اضطرابات القلب والدورة الدموية تلاحظ لدى النساء أكثر منها لدى الرجال، إلا أن بيرنهارد لم يجد فرقا بين الرجال والنساء فيما يتعلق بتكرارية عصاب القلب، واستنادا إلى ريشتير وبيكمان (1969) وأوكسكول (1966) يمكن الاستنتاج بأن هناك تكرار عائليا لدى مرضى  عصاب القلب، وقد قام ويهيلر ووايت (1950) بدراسة طولية لمدة عشرين سنة ووجد أن 49 % من أطفال المرضى الذين يعانون من عصاب القلب قد مرضوا أيضا بمثل هذا المرض. أما كوهين (1951) فقد فحص (139) أسرة من المرضى بوساطة اختبار neurocirculatgory asthenia وقارنها بمجموعة ضابطة ووجد أن تكرار المرضى أسر المرضى كان أكبر منه عند المجموعة الضابطة السليمة، إلا أنه يؤكد أن تفسير هذه لا يمكن أن يتم على أساس من نموذج محاكاة Imitation model ولم يتمكن كذلك من إثبات وجود نموذج وراثي سائد، ذلك العامل الذي يمكن له أن يتناسب بشكل أقرب مع النتائج (شونيكه وهيرمان، 1986).  
وحسب اوكسكول (1966) يغلب ظهور آلام القلب الوظيفة لدى الشباب، بينما تتناقص الأعراض الوظيفية بعد سن الأربعين، وتختفي في العمر اللاحق، وذلك لأسباب غير معروفة حتى الآن، وهناك افتراضات تخمينية حول ذلك، إنه مع تقدم العمر يمكن أثبات وجود تغيرات عضوية معينة. 
1-5 سمات السلوك عند مرضى عصاب القلب:
يتصف مرضى عصاب القلب بسمات سلوكية محددة. ولعل القلق العام هو سمة قابلة للبرهان عند كل مرضى عصاب القلب تقريبا. ويتجلى القلق لدى مرضى عصاب القلب في الخوف على كفاءة الجسد والوظيفية، ويشكل خاص على كفاءة وظيفة الدورة الدموية، وبالشك في نتائج الفحوص الداخلية، أي أن المرضى غالبا ما يكونون غير مقتنعين بالتشخيص، ويعبرون عن مخاوفهم من أن شيئا ما يمكن أن يكون قد أغفل في التشخيص، بإضافة على تجنب المواقف التي ظهرت فيها الآلام مرة ما، ويظهر القلق كذلك في تجنب الإرهاق الجسدي وفي الحاجة الزائدة للضبط وكذلك قلق الانفصال.
أما السمة الثانية المميزة لمرضى عصاب القلب هي سمة الاكتئابية.  وهنا نجد  عند مرضى عصاب القلب الاعتقاد بأنهم قد خيبوا ظن محيطهم من خلال تناقص كفاءة الإنجاز لديهم  وقد أشار شفارتز Schwarz إلى سمة الإنجاز البارزة والتي وجدها عند 70% من مرضى عصاب القلب الذين قام بدراستهم.
ويصف أوكسكول  مرضى عصاب القلب بأنهم أناس ذوو حاجة للسيطرة وقلق عام ومزاج اكتئابي، وميل بارز للاعتناء الذاتي (السلوك المخفف وعدم الإرهاق وتجنبه)، وقلق الانفصال، وأنهم غير كفوئين في التعبير عن دوافعهم ومشاعرهم العدوانية. أما زاكسة Sachse فقد صنف السلوك المرضي لمرضى عصاب القلب استنادا إلى دراسات رشتير وبيكمان في ثلاث نقاط رئيسية:
·         عدم القدرة على البقاء وحيدا: الرغبة في إبقاء شخص قريب يمكن أن يحضر المساعدة عند الضرورة.
·         اتجاه اعتنائي: تجنب الإرهاق الجسدي والمهني وتجنب الإرهاق والإثارة.
·         عادات استهلاكية ملائمة للقلب: إيقاف التدخين والقهوة والكحول.
أما شونيفليد وآخرون (Schonefeld, et al.,1978) فقد قسموا مرضى عصاب القلب إلى صنفين:
- مرضى النمط الجسدي Somato-Type ويشكون بصورة رئيسية من أعراض جسدية، مثل ألم الصدر وخفقان في القلب...الخ.
- مرضى النمط العصابي neurotically Type ويمكن بالإضافة للأعراض السابقة من أعراض مثل القلق والأرق والعصبية.

2-  نظريات حول المنشأ والتطور المرضي لعصاب القلب
2-1 نظريات تحليل نفسية
تعتبر إشكالية عصاب القلب إحدى الإشكاليات  ذات المحتوى المعقد والصعب لنظرية التحليل النفسي. و لا يمكن في هذا السياق معالجة كل جزئيات نظريات التحليل النفسي لتفسير وجود استعداد مسبق لعصاب القلب. وسنحاول هنا إعطاء لمحة موجودة حول ذلك، تفترض نظريات التحليل النفسي أن اضطرابات عصاب القلب هي عبارة عن شكل من اضطرابات القلق العصابي، وعلى هذا الأساس يجد المرء ضمن هذه النظرية آراء متنوعة.
افترض فرويد (1985) أن أسباب عصاب القلب هي في الواقع الدوافع الجنسية الناقصة، ويرى أن عصاب القلق لا ينشأ على أساس من الصراعات النفسية مثل عصاب الأفعال القسرية أو الهيستريا وإنما كنتيجة لمجرى مضطرب لإثارة جنسية جسدية.  و لاحقا رأي فرويد أن هناك نوعين من عصاب القلق، الأول أسماه "عصاب القلق" وهو ينشأ من إثارة جنسية جسدية، والنمط الثاني أسماه "هستريا القلق" وينشأ من إثارة جنسية نفسية.
أما كريس Kries,1057 فقد رأى أن أسباب عصاب القلب تكمن في تنشيط القلق الطفولي الباكر الماقبل أوديبي، وسعى على تفريق وتحديد عصاب القلب وعصاب القلق.
ويرى جوريس Jores,1975 إن عصاب القلب يمثل لغة للجسد، تشير إلى الإشكالية النفسية للشخص المعني. وإن أساس أسباب هذه الإشكالية النفسية يكمن في الطفولة الباكرة "فمن خلال لغة الجسد يحاول الإنسان أن يقدم معلومة عن ذاته وعن مشاعره وعن مزاجه..."
أما ميشليز Michaelis,1975 فقد نادى بالرأي القائل من المحتمل أنه يتعلق الأمر في عصاب القلب بتعبير جسدي عن انفعالات الخوف على شكل حادث نقل فيزيائي نفسي.
وهناك ضمن التحليل النفسي  نظرية صراع الانفصال التي نادى بها كل ريشتير وبيكمان (1964) وفوريستيناو وآخرين (1964)  وبرويتغام (1964) وباروماير (  1066 ) وريشتير وبيكمان (1973) وماس 1975 وشتوت (1979).  
 وتفترض هذه النظرية أن هناك استعدادا مرضيا مسبقا لبعض الاضطرابات عند الأشخاص تثار بوساطة أحداث محددة. وترتبط فعالية هذه الأحداث بتأثير قلق كامن موجود مسبقا. ويلاحظ في بنية شخصية مرضى عصاب القلب وجود قلق تدمير مثبت وكامن ويؤكد ريشتير وبيكمان (1973) إن عصاب القلب ينشأ عن صراع الانفصال. وكشرط لتطور عصاب القلب يفترضان شكلا معينا من علاقة الأم بالطفل. وقد أظهرت دراساتهما إن ظهور المرض غالبا ما يكون مرتبطاً بالتهديد بخسارة علاقة تعليقية مرتبطة بثقة مضطربة بالذات متشكلة في الطفولة.
أما الصراع فمصدره الرفض الداخلي للعصاب قلبي للتعلق والحاجة في الوقت نفسه لهذا التعلق. ويعتبر كل من كريستيان وبريتغام (1973) أن صراع الانفصال هو سبب حاسم  في نشوء عصاب القلب. ويؤكد ميشليز (1975) على أن قلق القلب يبدو أنه يحتوي على خوف من الانفصال.
فالتخلي عن الشريك يعني خسارته؛ إلا أن الشخص هنا يشعر بذلك على أنه تهديد، لأن الرغبة في الانفصال تتضمن التمسك بالوقت نفسه، وذا التهديد يجعل المريض غير واثق وغير
 آمن وخال ووحيد وقلق. إذا فالقلق هو قلق انفصال وخسارة، أو خوف وجودي من فقدان مستند داخلي.
 وعلى الرغم من الآراء المختلفة لصراع الانفصال يتفق غالبية الباحثين من حيث الجوهر على أن هذا الاضطراب يقود إلى تضرر في عمليات التمثل وبناء الاستقلالية.
ويمكن القول  بصورة عامة يمكن القول  أن هناك ضمن نظرية التحليل النفسي فرضيات مختلفة، وبالنسبة لكل هذه الاتجاهات يحتل الصراع مركز الصدارة، عد أن  العدد الأكبر من المحللين النفسيين يقبل بنظرية صراع الانفصال. 
غير أنه ما يؤخذ على هذه النظرية في هذا المجال هي أنها لا تظهر أهمية شروط الحياة الراهنة في حتميتها من جهة وأهمية البنى المعرفية للفرد كشخص من جهة أخرى (زاكسة، 1984)، فعلى سبيل المثال تفترض نظرية التحليل النفسي أن الصراع الانفصال المرتبط بالأم هو شرط ضروري لنشوء عصاب القلب، إلا أن هذا غير مؤكد بصورة قاطعة؛ عدا عن ذلك للم تكشف الدراسات عن وجود صورة أم مميزة لدى العصابي القلبي، وإنما يلاحظ في الكثير من الحالات أن أشخاصا آخرين مثل الأب، يلعبون دورا ذا أهمية، ويبرر ريشتير (1969) هذا الافتراض أنه استنادا على الخبرة العيادية فقد تشكل الانطباع أن الأم تسلك كثيرا أو قليلا سلوكا مدللا  أو تمليكا.

2-2  بنية الشخصية
ضمن النظريات المختلفة هناك محاولات لتفسير سمات الشخصية لدى المرضى بأعراض نفسية و/ أو جسدية محددة. وهذا ينطبق أيضا على اضطرابات القلب العصابية وسوف نحاول فيما يلي عرض بعض الأمثلة المتوفرة.
1.  قام كل من ريشتير وبيكمان (1973) بتطبيق مقياس مينسوتا المتعدد الأوجة للشخصية     على عينة من مرضى عصاب القلب. ونتيجة لذلك قسما المرضى إلى مجموعتين تبعا لنوع القلق وقد أطلقا على هاتين المجموعتين النمط (أ) والنمط (ب) هو ليس التصنيف (أ)  نفسه للسلوك المعروف تحت اسم  Type-A-Behavior  الذي أوجده روزنمان (1961).
لقد أظهرت النتائج أن النمط (أ) يظهر لدى 48% من مرضى عصاب القلب والنمط (ب) يظهر لدى 36% منهم. وقد وجد هان وآخرون (1973) نتائج مماثلة.
ويظهر مرضى عصاب القلب ذوو النمط (أ) في اختبار مينسوتا المتعدد الأوجه للشخصية قيما مرتفعة في درجة الصدق (F) وقيما منخفضة بقيم درجة الكذب ( L) وفي درجة التصحيح   (K) وتظهر قيم عالية في مقاييس الوهن النفسي ( PT)  والفصام  (Sc) والانطواء الاجتماعي (Si) وعلى العكس من ذلك هم مرضى النمط (ب) حيث يظهر النمط المذكور قيما على عكس النمط الأول. فالنمط (أ) يتسم بالقلق ويتصف برغبته المتناقضة في التعلق بينما يميل النمط (ب) إلى وسائل الدفاع المضادة للرهاب والتعويض.
2.   استخدام ماير (1979) مع عينة من مرضى عصاب القلب اختبار فرايبورغ للشخصية               ووجد أن هناك مجموعتين من مرضى عصاب القلب الأولى تستجيب بقلق للآلام القلبية والثانية بدون قلق كلتا المجموعتين تختلفان عن بعضهما بعضا بصورة دالة.
3.  وجد أوبرهومر (1979) باستخدام اختبار تايلور للكشف عن القلق      Manifest Anxiety Scale    أن القلق والاكتئاب عند العصابقلبيين يلعبان دورا رئيسيا.
4.  الفرضية القائلة أن مرضى عصاب القلب هم أكثر عدوانية من مرضى المجموعات الأخرى اختبرت من قبل شونيكه(1972) بوساطة مقياس العدوانية لفولدس وكانية (1965). لقد وجد أن المرضى بعصاب القلب يظهرون عدوانية موجهة للخارج بانتقاد الآخرين في غيابهم. وبوساطة اختبار مجموعة ترتيب الأدوار  Role-construct-Repertory Test وجد أيضا أن إدراك العدوانية يتعلق بمدى البعد الاجتماعي  بين العصابقلبيين والآخرين. لقد وجد أن الأشخاص المقربين مثل الأسرة أو الزوج لم يعاشا بصورة عدوانية. وعلى العكس من ذلك وجدت العدوانية بصورة كبيرة تجاه الأشخاص البعيدين (غير المقربين).
ويمكن القول بصورة عامة  أنه ما تزال هناك حاجة للقيام بأبحاث متعددة لتحديد بنية الشخصية أو سمات الشخصية وذلك لتطوير تصور متكامل يقوم على أساس نظري موحد إذ يلاحظ أن الدراسات المذكورة سابقا إنما تقوم على أسس نظرية مختلفة.


2-3 تفسيرات نفسية فيزيولوجية
تنطلق الاتجاهات الفيزيولوجية من أن عوامل جسدية تحتل مركز الصدارة في نشوء اضطرابات القلب الدورة الدموية الوظيفية. وضمن هذا الاتجاه يمكن التعرف على وجهتي النظر الأولى هي اتجاه جسدي خالص وتستند إلى كمية كبيرة من الأبحاث والنتائج الجسدية الخالصة لدى مرضى باضطرابات القلب والدورة الدموية الوظيفية وهنا نشير إلى أبحاث كوهن (1947،1948،1951) والتي وجد فيها تركيز عالي لحمض اللبن وتغيرات في مخطط القلب (ECG) تحت شروط الإجهاد الجسدي عند مرضى بأمراض القلب والدورة الدموية الوظيفية وقد تعرضت هذه النتائج لانتقادات مختلفة وكانت موضع شك لأنه لم يتم التمكن من تكرار النتائج الثانية.
وتعطي أعمال ستريان (1978-1981) أهمية كبيرة لمتلازمة ارتخاء الصمام التاجي
Mitral-valve prolaps Syndrome (MVPS)  كشرط جسدي لنشوء الاضطرابات الوظيفية في القلب ويرى باريزير (Pariser,1978) وستريان (1981) أن متلازمة ارتخاء الصمام التاجي
Mitral-valve prolaps Syndrome هي سبب ممكن للقلق القائم على القلب. 
عموما يمكن القول أن هذا النوع من الأبحاث يحاول إرجاع مسئولية نشوء الاضطرابات القلبية الوظيفية إلى أسباب عضوية خالصة. ومن ناحية أخرى يؤكد ألكسندر Alexander أن الفصل بين الاضطرابات الجسدية والوظيفية هو عبارة عن تبسيط للمشكلة ويرى أن الاضطرابات الوظيفية تسهل نشوء التغيرات الجسمية وأن الاضطرابات الجسدية يمكن أن تحث نشوء الأعراض العصابية.
وثمة اتجاه آخر ضمن هذا الاتجاه هو الاتجاه الفيزيونفسي هذا الاتجاه يفترض أيضا أنه ضمن شروط معينة يمكن لاستعداد مسبق أن يؤدي إلى نشوء اضطرابات القلب والدورة الدموية الوظيفية إلا أن هذا الاتجاه يراعي العوامل النفسية والجسدية في تفسير طبيعة الاضطراب ومن ممثلي هذا الاتجاه ديليوس وفارينبيرغ وكريستان.
يذهب  ديليوس وفارينبيرغ من أن استعداد مسبقا موجودا يقود إلى تغيرات في الاستجابات الجسدية ويعتبران الأعراض النفسية الإعاشية على أنها ضعف تنظيم في الجهاز النفسي والفيزيائي.
ويعتبر  ضعف التنظيم هو سبب المنشأ المرضي للاضطرابات النفسية الإعاشية والتي يجب أن تفهم من الناحية الفيزيونفسية، وأن الاضطراب يتسبب من خلال التباعد بين التنظيم الجسدي النفسي والمتطلبات المعنية، وما يميز اضطراب التنظيم هو أن الوظائف الإعاشية  تتحقق بصورة غير متناسبة في خبرة فرد ما وينظر ديليوس إلى العلاقة بين الجسد والنفس كمذهب متكامل ويؤكد أن الوظائف العضوية والسلوك من جهة وكذلك الخبرة والإحساس من جهة ثانية تمثل  في بنيتها التصنيفية نوعان مختلفان إلا أنهما مظهران قابلان للمقارنة لحوادث الحياة النفسية نفسها، ويرى أيضا أن هذين المجربين يتعلقان ببعضهما بعضا بصورة متوازنة ومتكاملة وليس بشكل تأثير متبادل ويستند كل من ديليوس وفارينبيرغ (1966) إلى مفهوم عسر المزاج[1] Dysthymia عند آيزينك Eysenck والأشخاص الذين يتصفون بـعسر المزاج يتميزون بقابلية إعاشة للإثارة، وقابلية مرتفعة للإرهاق وأسلوب سلوك انطوائي وقلقي حساسية ويرى ديلوس أن هذه التركيبة هي الشكل الاستعدادي المسبق الأساسي وربما أن السبب الرئيسي على الإطلاق لنشوء العرض في اضطرابات القلب والدورة الدموية أو لنشوء الأعراض النفسية الإعاشية.

2-4  تفسيرات قائمة على نظرية التعلم وذات اتجاه سيروري Process-oriented  
قدم كل من يبيرغولد  وكالكينه Bergold and Kallinke,1973 نموذجاً قائماً على نظرية التعلم لتفسير أوجاع القلب الوعائية الوظيفية قدمه. حيث يذهبان من مبدأ التعزيز السلبي negative reinforcement وهذا يعني أن احتمال ظهور سلوك ما يصبح أقوى إذا ما حدث هذا السلوك بعد نهاية إثارة سلبية.
فمن الممكن أن يكون هناك موقف صراع، لا يمكن فيه ظاهريا تجنب المثير الحال للصراع. ويمكن هنا أن يتم إدراك الأجزاء النفسية للاستجابات المشحونة بالصراع فقط والتي لا يمكن فهمها أو تفسيرها بحيث يفشل في تجنب محتوى الصراع وبالتالي يحدث الموقف المثير للصراع على معنى جديد، بحيث أن محتوى الصراع يختفي أو يبقى بصورة متسامحة ومن خلال هذا التجنب يقوى الجزء الفيزيولوجي للاستجابة.  وضمن ظروف كيفية محددة (مثل الغضب الشديد حول حدث معين) يمكن أن يؤدي الأمر إلى أن المركبات الفيزلوجية لاستجابة عدوانية ما مكفوفة هي التي تدرك فقط (مثل ارتفاع دقات القلب وارتفاع ضغط الدم) فإذا ما تم تفسير هذه الإدراكات على أنها غير مألوفة وكأعراض مرضية محتملة فان الموقف يفقد محتوى الصراع الحقيقي.
التهديد لا ينبعث الآن من النتائج الحتمية للسلوك السلبي المرتبطة بسلوك معين (استجابة عدوانية) وإنما ينبعث التهديد من خلال مرض متوقع.
بالإضافة إلى ذلك تظهر أحداث إضافية مقوية: الانقطاع عن العمل مثلاً والمريض (اللاحق) (أو مريض المستقبل، الذي ليس مريضاً بعد) يحصل على الاهتمام والرعاية. وأخيراً هناك شرطان رئيسان بالنسبة لهذا النموذج:
-   إنه لمن الضروري أن تكون الاستجابات المستقلة حيث يمكن التأثير عليها من خلال عمليات التعلم الإجرائي operational Learning
-   يفترض هذا النموذج أن تأثير العمليات المعرفية بالنسبة للخبرة التفريقية لانفعال ما (معايشة تمييزية لانفعال ما) يحتل أهمية خاصة في التبدلات الفيزيولوجية،  متساوية نسبياً.
وفي عام (1962) قدم اوكسكول Uexkuel  نموذجا لتشكل العرض في اضطربات القلب والدورة الدموية الوظيفية يركز بصورة غالبة على مجرى دائري وفيه لا يلعب الاستعداد المسبق دورا رئيسيا.  ويذهب هذا النموذج  من أن حادثاً ما نفسيا أو  جسديا مثيرا للقلق يؤدي إلى تبدل في الوظيفة. وهذا التبدل يسبب من جهته استثارة الانتباه الجسدي (مراقبة الجسد). وهذا الانتباه يجب تمثله انفعاليا وضمن شروط معينة يمكن لهذه الطريقة الانفعالية في التمثل أن تقود إلى تغير في الوظيفة.  فيتم عندئذ إدراك التغير ثانية،  ومن خلال ذلك تغلق الدائرة (انظر الشكل 1)

2-5 نموذج الحلقة المفرغة
يحاول هذا النموذج تحديد الارتباط بين الأعراض الفسيولوجية والمعرفية للاضطراب من خلال ربط عدة متغيرات بعضها ببعض.
ويعرف زاكسة (1984، ص34 Sachse) هذا النموذج كما يلي: " يركز نموذج الحلقة المفرغة في جوهره على العلاقة بين وجوه الاضطراب بعضها مع بعض ومحددات الاضطراب الراهنة ولا ينظر لتطور المرض على انه نتيجة تمثل عصابي للصراع وإنما نتيجة للتأثير المتبادل "للحساسيةsensitization   " وعوامل إرهاق غير نوعية".
وكان ليبهارت (1974، 1976) أول من عرض نموذج الحلقة المفرغة. وقد تم في هذا النموذج ضمنيا مراعاة العمليات السببية النظرية (عزو السبب نظرياً) وهو ذهب من أن الذي يعاني من عصاب القلب يستجيب موضوعيا لأحداث جسدية غير خطيرة بتركيز مبالغ فيه. وهذا التركيز المبالغ فيه يفسر على أنه سبب (مرض القلب) وبهذا يثار  القلق الذي يؤدي بدوره إلى تنشيط مستقل ونتيجة لذلك تتم ثانية تقوية الإثارة أو الإحساس القلبي بحيث انه تعقب ذلك عملية ارجحة متبادلة لسيرورات معرفية وإعاشية.                       
وهناك نموذج مشابه لنموذج ليبهارت قدمه شتروفر وماك كاول (1976) وحسب رأي الباحثين فانه يمكن تطبيق النموذج على كل اضطراب انفعالي يكون فيه السلوك العرضي الأساسي مقوى بوساطة القلق. ويذهب هذا النموذج من أن  إقلاق الذات حول المشكلات يمكن أن يفاقم هذه المشكلات. ويبدأ مجرى الدائرة حين يعي شخص ما وجها غير مرغوب من وجوه سلوكه الشخصي (في حالة عصاب القلب: أحاسيس جسدية، مثل الألم في الصدر.... الخ). فبالنسبة للفرد فان ذلك قد يعتبر مشكلة عميقة لأن ذلك يشير إلى مرض في القلب. ومن هذه المواقف السلبية غير المحتملة ينتج القلق ثانية ويشير الباحثان بالإضافة إلى ذلك إلى انه من خلال تركيز الانتباه على الأعراض من خلال عزو السبب attribution    إلى نقص الكفاءة الذاتية يتم إنتاج حالة من (الانتباه الذاتي الموضوعي) مما يؤدي ثانية إلى انفعالات سلبية متزايدة،  وبوساطة القلق يؤدي ذلك إلى ازدياد السلوك غير المرغوب. وقد حاول زاكسة (1984) اشتقاق نظرية لعصاب القلب من النماذج المتوفرة حتى الآن.
 وقد حاول العديد من البحاثة – من بينهم محللون نفسيون- أن يلقي  وزنا في تفسير الاضطراب على "الوظيفة" الراهنة للاضطراب وعالجوا علاقة وجوه الاضطراب مع بعضها بعضا  وحللوا محددات الاضطراب الراهنة واستمراريته وكذلك نشوء الاضطراب. وهذا  ينطبق على نموذج اوكسكول (1962)  حيث كان من الممكن أن تتوفر في هذا  إمكانية نشوء نموذج الحلقة المفرغة (انظر الفقرة6-4).ويشير زاكسة (1984) إلى الآن التفسيرات القائمة حتى الآن حول نشؤ الاضطرابات والقائمة على نموذج الحلقة المفرغة تتضمن فرضيات مختلفة منها ما يجب ألا يتبع لهذا النموذج من جهة و تحتاج من جهة أخرى للضبط والتدقيق.
ويتضمن النموذج الفرضيات التالية:
1.      التركيز على محيط القلب
2.      - ملاحظة أو إدراك مثيرات ذاتية.
3.      تفسير هذه المثيرات كحوادث جسدية من نوع محدد،. "حادث جسدي ذو علاقة مهمة بالقلب ".
4.      عزو الحوادث الجسدية إلى سبب ما (مثل مرض القلب).
5.      تقدير الحوادث الجسدية هذه)(حسب درجة خطورتها).
6.      قلق راهن.
7.      استجابة فيزيولوجية.
و  تحتوي هذه الفرضيات بعض المتغيرات غير الضرورية ولا تسهم في تفسير المجرى الراهن للحدث وذلك ينطبق على متغيره  "التركيز "وكذلك على العلاقة بين التركيز و"ملاحظة أو إدراك المثيرات الذاتية " ويرى زاكسة إن التركيز العالي في الإحساس الجسدي يوضح لماذا يشهد العصابقلبي نوبات القلق غالبا وهذا يعني أن هؤلاء الأشخاص يفرطون في قلقهم ويصعدونه إلا أن هذا لا يسهم في مجرى الحدث الراهن.  وهذا ينطبق كذلك على فرضية أن العصابي القلبي يفسر باحتمال اكبر المثير الداخلي الذاتي كمثير مهم بالنسبة للقلب. وهذا يوضح لماذا ينزلق الشخص المتسم بهذا النوع من التمثل في مجرى الحلقة المفرغة في هذه الحال كان من الممكن الاقتراب من نموذج الحلقة المفرغة إذا  لاحظ على سبيل المثال شخصا ما المثير الداخلي أو على الأقل اعتقد بالإحساس بمثل هذا المثير وفسره على انه مهم للقلب (من مسببات مرض القلب). فقط عندما يتوفر هذان الشرطان يمكن لنموذج الحلقة المفرغة أن  ينطلق. ويعد القلق الراهن متغيرة جوهرية في هذا النموذج ويتوسط بين المستويات النفسية والفيزيولوجية ويفهم القلق الراهن على انه قلق ذاتي فعلي ويعتبر بهذه الحال وحدة معرفية وفيزيولوجية وسلوكية.  وهنا يفترض أن الاستجابة الفيزيولوجية هي "الجانب الفيزيولوجي "للقلق الراهن عدا عن ذلك تعتبر متغيرتا "العزو " و"تقدير إمكانية المواجهة الذاتية " متغيرتان جوهريتان بالنسبة لهذا النموذج.  واستنادا إلى أبحاث لازاروس (1966,1968 Lazarus  والتي أشارت إلى أهمية تقدير إمكانات المواجهة في بناء أو تشكل القلق الراهن فإنه يمكن  افتراض أن إمكانات المواجهة لدى مرضى عصاب القلب هي إمكانات ضعيفة.
ولا يمكن التعرض هنا لجميع نواحي النموذج ونكتفي هنا بالإشارة إلى التغيرات المدققة والموسعة لهذا النموذج عند زاكسة (1984) والذي يتضمن النقاط التالية:
1.      كنقطة بداية:تفسير مثير داخلي ملاحظ على إنه حدث جسدي قلبي مهم
2.      عزو هذا الحدث الجسدي لسبب من نوع محدد
3.      تقدير هذا الحدث الجسدي على إنه كبير أو أقل خطورة، أي توقع أو استباق عواقب معينة
4.      تقدير ذاتي لهذه العواقب
5.      تقدير إمكانات المواجهة
6.      إدراك المساعدة من أشخاص آخرين
7.      قلق راهن
8.      استجابة فيزيائية(كوجه جزئي للقلق الراهن)
9.      ملاحظة الاستجابة الفيزيولوجية المتصاعدة

وعلى الرغم من محاولة اشتقاق نظرية لعصاب القلب، فقد أظهرت النتائج أن هذا النموذج لا يمكن تعميمه، ولهذا لا يمكن الادعاء أن عصاب القلب ينشأ بواسطة نموذج الحلقة المفرغة. لقد أظهرت النتائج أن هناك مجموعة من مرضى عصاب القلب لا يستجيبون من خلال الحلقة المفرغة. وقد نشأت الأعراض عند هؤلاء على أساس إرهاقات شخصية قوية ولم يستجيبوا بقلق على هذا الاضطراب مع العلم إن الإرهاقات لديهم ما تزال حديثة ويمكن برهانها.  ويمكن هنا الافتراض أن هذا النموذج هو نموذج قلق أو نموذج قلق القلب حيث أن (المساواة بين عصاب القلب ومتلازمة قلق القلب أو رهاب القلب غير مبررة) وعلى الرغم من ذلك يبقى هذا النموذج نموذجاً إضافياً مهماً لفهم عصاب القلب ولكن ليس شرطا ضروريا لنشؤ الاضطراب. .

7- خلاصة واستنتاجات
حاول العرض الذي قمنا به حتى الآن إظهار أن عصاب القلب يصنف ضمن طبقة الاضطرابات النفسية الإعاشية، لأنه ينشأ بصورة أساسية من خلال شذاذ تنظيم عصابي، يتمركز في منطقة القلب والدورة الدموية. وتسهم الاتجاهات  في فهم وتفسير الاضطراب إلى حد ما، إلا أنه ينقصها إيضاح العلاقة بين متغيرات متنوعة يمكن أن تكون ذات أهمية في المنشأ المرضي. كما وتلعب فرضية الاستعداد المسبق دورا مركزيا لدى جميع النظريات والتفسيرات تقريبا. ومن الاتجاهات المختلفة يستخلص كامن هيرمان وشونيكه:
النقاط الخمس التالية:
1.      يلعب القلق وتمثله بالنسبة لنشؤ واستمرارية عصاب القلب دورا جوهريا.  
2.      يقترض العديد من الباحثين وبطرق مختلفة وجود استعداد فيزيونفسي مسبق، أو بالمعنى الدقيق للمفهوم استعداد مسبق (جسدي نفسي) يسهل على الأقل مجرى نشؤ المرض واستمرار يته.  
3.      يؤكد المحللون النفسيون أن عوامل نوعية تقود لاستعداد نفسي مسبق في تطور المريض وهذا الاستعداد النفسي المسبق يقود عند ظهور الصراعات النوعية فيما بعد (طموحات الاستقلالية، خبرة الفقدان...الخ) إلى حلول غير ملائمة للصراع
4.      يحتل إدراك الجسد في كل النماذج مركزاً مهما
5.      بالنسبة لتأثير إدراك الجسد النشوئي المرضي يلعب هنا على ما يبدو حادثا ما دورا ربما يمكن تفسيره بصورة مثلى بمفهوم العزو (نسب أو عزو الأسباب حيث يعتقد المريض أن المرض هو سبب الإحساس الجسدي)

3- المعالجة والتنبؤ
يعتبر أجراء الفحص الجسدي الكامل أمرا أساسيا. وينبغي إشراك المريض وإخباره بنتائج هذا الفحص. ويمكن أن يساعدهم الشرح  لهم بأن ظهور الآلام الجسدية يعتبر استجابة طبيعية على الخبرات الانفعالية. إلى جانب ذلك لابد من القيام بدراسة الحالة بشكل مفصل.
وقد يكون تكرار الفحوصات الجسدية موضوعا مقلقا للمرضى، إذ أن ذلك قد يولد الانطباع بوجود مرض عضوي حقيقي، حتى لو كان  أجراء الفحص نزولا عند رغبتهم في تخفيض القلق والتهدئة. وتشخيص اضطراب وظيفي (عصاب القلب) يجب ألا يكون تشخيصا استثنائيا أو الحل الأخير، وإنما ينبغي أن يكون تشخيصا ايجابيا وذلك من خلال إثبات الأعراض الذكورة سابقا.
وفي دراسة الحالة يجب الانتباه فيما إذا كانت توجد استعدادات مسبقة للصراع مكتسبة باكرا. فإذا ما كان هذا هو الحال فانه يجب أن يكون واضحا أن بدء الآلام يكون على علاقة مع صرا عات محددة. فالحقيقة القائلة أن الشخص لا يستطيع التغلب على مجموعة من الصراعات بشكل ملائم، لا تدفع إلى الاستنتاج بعد بأن هذه الصراعات تجعل الاضطراب يستمر. و الشيء نفسه ينطبق على معطيات الاختبارات، فوجود درجة عالية من العصابية لا تفسر ظهور الأعراض بحد ذاتها.



3-1 المعالجة الدوائية
إذا كان الهدف هو تخفيض شدة القلق،فانه يمكن استخدام المهدئات. وعند تناول الجرعة المناسبة يظهر  تأثيرا مثيرا للنوم، الأمر الذي يؤثر على الأرق الذي غالبا ما يترافق مع الاضطراب.
أما إذا كانت اضطرا بات الإيقاع القلبي تحتل مركز الصدارة فيمكن استخدام محاصرات بيتا Beta Blockers  فمن خلال استخدام محاصرات بيتا يتم تخفيض إشارات الجسد المثيرة للخوف، الأمر الذي يشكل حماية للمريض. ولا بد من الإشارة إلى أن المعالجة الدوائية وبشكل خاص المهدئات أو المواد النفسية الأخرى أيضا تحتاج إلى إدارة دقيقة وحذرة من قبل الطبيب المعالج. وعلى الرغم من أن هذه الأدوية، إذا ما استخدمت وحدها كطريقة علاج تقود إلى تحسن واضح للآلام إلا أنها على المدى البعيد تقود إلى التعلق ومن هنا يجب أن يكون واضحا للمريض منذ البدء أن الدواء هو جزء من المعالجة فقط وأن استخدام الأدوية هو لوقت محدد فقط.
وعندما نأخذ بعين الاعتبار أن هدف جزء من الإجراءات العلاجية هو دفع المريض للتخلي عن سلوكه التجنبي في صالح أنماط السلوك التي تحتوي على التعامل الفعال حتى مع المواقف المثيرة للقلق، فانه يتضح أن تناول المواد المزيلة للقلق على المدى البعيد يشجع على الموقف السلبي، إذ أن المريض يتعلم الاعتماد على الأدوية ويتجنب مواجهة استجاباته.  من ناحية أخرى يمكن لمثل هذا النوع من الأدوية وبشكل خاص في القلق الشديد أن يشكل نوعا من الحماية التي تمكن المريض من التشجيع بالخطوات الأولى احل المشكلة في المستقبل.

3-2  المعالجة النفسية
3-2-1 المعالجة النفسية التحليلية
تظهر المعالجة النفسية التحليلية فاعلية في الحالات التي يكون فيها الآلام الوظيفية جزءا من اضطراب عميق يحتوي على اضطرا بات في علاقة الموضوع تجعل من غير الممكن استخدام إجراءات علاجية أخرى.
ويتطلب الأمر في بعض الأحيان أجراء علاج نفسي طويل الأمد لدى هؤلاء المرضى من ناحية أخرى يمكن إجراء معالجات بؤرية Focus   وهذا هو الحال لدى العد] الأكبر من المرضى الذين لا يكون الهدف من علاجهم هو إجراء تأثير شامل على الشخصية وإنما تعديل صراع نوعي ما.
أما فيما يتعلق بمدة العلاج فتلعب مدة المرض هنا دورا مهما. فكلما كانت مدة المرض اقصر كانت استراتيجيات المريض المشكلة للإعراض والتي تخدم تجنب الصراعات أقل رسوخا. بالإضافة إلى ذلك يسهل التوضيح للمريض العلاقة بين الحالة النفسية والأعراض الجسدية. كما وأن المجال الزمني لبدء الآلام يكون قريبا للذكريات والمواقف التي ظهرت فيها الآلام.
فالمعالجات التحليلية تكون ذات فائدة بشكل خاص عندما يكون هناك اضطراب تخدم فيه العلاقة الإعراض الجسدية في تجنب الصراعات النفسية. أما مدة وعمق المعالجة فتكون حسب شدة الاضطراب الأساسي.

3-2-2 طرائق المعالجة السلوكية-الاستعرافية
مما لاشك فيه أن المعالجة السلوكية تمتلك جذورها ونجاحها في معالجة الخوف. ومن هنا فإن المعالجة السلوكية تكون فاعلة إذا ما كان الأمر يتعلق باضطرابات من نوع ((رهاب القلب)). وتحتل معالجة المركبات الرهابية هنا مركز الصدارة. غير انه يجب التنبيه إلى أنه ينبغي ألا تكون المعاجلة السلوكية هي المدخل العلاجي الوحيد الذي تيم اختياره.
الخطوة الجوهرية الأولى هي القيام بتحليل السلوك. ويفيد تحليل السلوك في الحصول على معلومات حول ((مجال)) السلوك المشكل الذي يجب تعديله. ويحتوي هذا المجال على الشروط المباشرة للسلوك والمثيرات الحالة، وعواقب السلوك أو نتائجه والعوامل الاستعدادية... الخ. كما ويشتمل تحليل السلوك على الشروط الاجتماعية المحيطة بالسلوك. أن الحصول على هذه المعلومات من خلال تحليل السلوك هو عبارة عن عملية تنمو باطراد وذلك من خلال اكتساب المريض لمهارات الانتباه إلى العوامل المهمة التي تسبق آلامه على سبيل المثال فهو هنا يصبح في البدء منتبها إلى الشروط الخارجية الملموسة ويتجاوز الأفكار معتبرا إياها على أنها ليست مهمة على سبيل المثال. عندئذ يجب الإيضاح للمريض أن الأفكار يمكن أن تكون ذات أهمية كبيرة وأنها يمكن ذات أهمية كبيرة وأنها يمكن أن تكون من العوامل المثيرة، وغالبا ما ينبغي دفع المريض للتخلص من التثبيت على العوامل " المهمة جسديا " وتوجيهه نحو طريقة تأمل " نفسي جسدي " بالمعنى الحرفي لخبراته   وهنا يتضح أنه حتى في السياق تحليل السلوك أنه يسعى إلى تعديل يرافق المعالجة ولا يمكن فصله عن العملية ككل.
الخطوة الثانية والجوهرية هي تقديم معلومات شاملة وصبورة للمريض. وهنا لا بد من السعي إلى توضيح العلاقة بين الروابط الفيزيونفسية بطريقة واضحة، وبشكل خاص توضيح حقيقة أن الاستجابات الجسدية تعتبر في كل الأحوال جزءا طبيعيا من الخبرة السوية. فالمرضى غالباً ما يعيشون الاستجابات الجسدية على أنها مهددة جدا ويميلون إلى تجنب المواقف التي تظهر فيها مثل هذه الاستجابات.
بالإضافة إلى ذلك ينبغي أن تقدم للمريض معلومات حول ((علم نفس القلق)) الأمر الذي يسهل فهم الإجراءات المذكورة التي ليست دائما مريحة ومقبولة، بحيث أنه من الضروري أن يعرف المريض لماذا يتحمل كل هذا الجهد. أن شرح هذه المعارف والعلاقات المذكورة يجب أن يتم بأحسن صورة من خلال الوصف المباشر  الذي يقوم به المريض لحالته، وهنا يتم توجيه المريض للانتباه إلى الروابط عند نفسه على شكل تحليل السلوك.
وتحتوي الإجراءات المذكورة حتى الآن على عناصر أساسية للعلاج وبشكل عام يمكن تقسيم استراتيجيات العلاج إلى:
استراتيجيات تهدف إلى مواجهة القلق مباشرة، وإلى الأساليب المعرفية التي تؤدي إلى تعديل المواقف، ويقصد بهذا المواقف تجاه الجسد الخاص وتجاه الأشخاص المرجعيين وتجاه الإنجاز الذاتي      والمشاعر وتجاه الكفاءة  الذاتية في حل المشكلات في سياق المرض.
فمجرد أنجاز تحليل سلوك ذي معنى تتحقق تعديلات في المواقف أو أن تحليل السلوك يثيرها.
أما الطرائق القديمة مثل خفض الحساسية المنتظم فلم تبرهن نفسها على أنها طرائق ذات فائدة كبيرة أو طرائق مساعدة. في هذه الطريقة يتم تشجيع المريض إلى تصور أفكار حول الخوف والهوا مات في سياق الخوف من المرض بالقلب.
أما طرق المواجهة للمباشرة مع المواقف التي يحتمل أن تظهر الآلام فيها، حسب خبرات المرضى، فقد أثبتت أنها أفضل (بوتوللو 1979) وفيما يتعلق بطرائق المواجهة فإنه من الضروري اختيار الإرهاق بحيث يكون احتمال تجنب المواقف أو الهرب منه غير مرتفع جدا، أي أن إمكانية النجاح يجب أن تكون عالية جدا قدر الإمكان. أي أنه يجب تعريض المريض للمواقف بصورة تدريجية حسب الشدة كما هو الأمر في خفض الحساسية المنتظم. وبهذا تختلف هذه الإجراءات عن طرائق المواجهة، كالإفاضة التي يتم تعريض المريض لها، بدون امتلاك إمكانية الهرب.
ويعتبر هذا الأجراء مفيدا بشكل خاص لأن المريض يمكن أن يستخدمه بدون وجود المعالج وبهذا يمتلك أمكانية الهرب في كل وقت. كما ويمتاز هذا الإجراء بأن المريض يختار بنفسه الموقف الذي يعتقد أنه يستطيع التغلب عليه بنفسه بكفاءة. وبهذا يستطيع ضبط البدء والموعد ومدة الموقف منذ البدء، ولا يدفع من قبل ظروف خارجية للتعرض للمواقف. وبهذا يتم تجنب اليأس على شكل عدم قابلية الموقف للضبط، ويتم تنمية المواقف الايجابية للمريض نحو مشكلته. ويشترط هذا الأجراء موقفا فاعلا ينبغي للمريض فيه أن يكون مستعد للبحث عن الموقف بحرية. كما أنه تتم تقوية هذا الميل من خلال النجاح.
لقد كان هدف تحليل السلوك في البدء هو دفع المريض لملاحظة سلوكه الذاتي وتسجيل العوامل الخارجية والداخلية. أما الآن فإن هدف تحليل السلوك هو جعل المريض يراقب الموقف بشكل هادف كخبير وتسجيل ما يشعر به، والعوامل التي تظهر، والأفكار التي يمتلكها... الخ. وبهذا يكتسب موقفا متباعدا عن خبرته في الموقف الذي تتصاعد فيه مخاوفه. ويجب التأكيد هنا على أن يقوم المريض بالتسجيل الكتابي. فإذا ما لم يحدث هذا فإنه غالبا ما تكون الملاحظة سطحية    وغير دقيقة. ويجب مناقشة هذه الكتابات مع المعالج وبمساعدتها يمكن مناقشة إمكانات تعديل السلوك، التي يجب أل تقتصر على تعديل السلوك الفعلي فحسب وإنما على الأفكار التي تظهر هنا والتي غالباً ما تكون بحاجة إلى تعديل. وقد أثبتت الإجراءات الموصوفة أعلاه فاعليتها في ((رهاب القلب)). وكلما كان الاضطراب أوسع احتلت الإجراءات ذات الاتجاه الاستعرافي  في تعديل السلوك مركز الصدارة.
ومن المهم كذلك تحديد المحيط الاجتماعي للمريض من أجل معرفة إلى أي مدى يدعم المحيط ظهور الأعراض بصورة لا إرادية من خلال الاهتمام الزائد أو ما شابه، كما وأنه من المهم تقدير إلى أي مدى يكون فيه الشريك أـو الإطار المرجعي مستعدين فيه لدعم الجهد العلاجي.
           




[1] المعنى العام هو عسر المزاج إلا أنها تستخدم لدى آيزينك بمعنى خاص، فهي عنده مفهوم شامل لذلك النوع من العصاب الذي يتصف في الوقت نفسه بانطوائية مرتفعة (عصاب القلق، القسر).
عصاب القلب
”دراسة وصفية في اضطرابات القلب الوظيفية المنشأ"
أ.د. سامر جميل رضوان
البحث منشور في مجلة الثقافة النفسية المتخصصة تصدر عن مركز الدراسات النفسية و النفسية-الجسدية العدد التاسع و الستون – يناير 2007

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة