فائدة لشيخ الإسلام

  الجماعة مع ترك ذلك الواجب خير مِن تفويتها وصلاة الرجل وحده!


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:


إنَّ جميع واجبات الصلاة تسقط عند العجز وتصلَّى بدونها، وكذلك ما يُشترط للجماعة يسقط بالعجز ويُصلَّى بدونه، كصلاة الخوف التي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في جماعةٍ، والتزم لأجل الجماعة أمورًا لا تجوز لغير الحاجة، مثل تخلّف الصف الثاني عن متابعته كما في صلاة عُسْفان...ثم قال:

فدلَّ على أنه يجوز لأجل الجماعة ما لا يجوز بدون ذلك، ومع هذا فوقوف المأموم عن يسار الإمام للحاجة، ووقوفه وحده خلف الصف للحاجة أحقّ بالجواز من تقدُّمه على الإمام للحاجة.

وبهذا تأتَلِف النصوصُ جميعها، وعلى ذلك تدلّ أصول الشريعة، فإن جميع واجبات الصلاة من الطهارة بالماء، واستقبال القبلة، وستر العورة، واجتناب النجاسة، وقراءة القرآن، وتكميل الركوع والسجود، وغير ذلك = إذا عَجَز عنه المصلي سقط، وكانت صلاته بدون هذا الواجب خيرًا من تأخير الصلاة عن وقتها فضلًا عن تركها، فكذلك الجماعة متى لم تكن إلا بترك واجباتها سقط ذلك الواجب، وكانت الجماعة مع ترك ذلك الواجب خيرًا مِن تفويتها وصلاة الرجل وحده.

ثم قال:

وقد سنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم للمسلمين الاصطفاف في الصلاة وأمر بإقامة الصف، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاةَ لمن خلفَ الصَّف»، ورأى رجلًا يصلي وحده خلف الصف، فأمره أن يعيد الصلاة، ومع هذا فصلى بأنسٍ مرةً والصبي اليتيم والمرأة خلفهما، فجعل المرأة وحدَها صفًّا لأجل الحاجة، إذ كانت السنة في حقِّها أن لا تقف مع الرجال، والإمام يقف وحده لأجل الإمامة؛ فمن سوَّى بين الإمام والمرأة، وبين الرجل المؤتمّ في الانفراد فقد خالف السنة، ومن جعَل وقوف الفذّ لا يجوز بحال فقد خالف السنة، فعُلِم أنَّ الاصطفاف مأمورٌ به، ونَهْيه عن وقوف الرجل وحده مأمورٌ به مع القدرة، وأما مع الحاجة فوقوف الإنسان وحده خير له من أن يدع الجماعة، ونظائر هذا كثيرة، والله أعلم.


جامع المسائل (٧/ ٩٣) وما بعدها

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عصاب القلب